العرب من وجهة نظر يابانية
فهو عمل يستحق القراءة.
أربعين عاما قضاها الباحث الياباني نوبواكي نوتوهارا في البحث والدراسة والتقصي، وهو يجوب العواصم العربية والأرياف والبوادي، ويتابع الرواية العربية ويدقق في التفاصيل الجزئية العربية: دائما كنت أسمع في التلفزيون والراديو وأقرأ في الجرائد كلمات مثل: الديمقراطية، حقوق الانسان، حرية المواطن، سيادة الشعب، وكنت أشعر وأنا أتابع إستعمال تلك العبارات أن الحكومة لاتعامل الناس بجدية بل تسخر منهم وتضحك عليهم، عندما يعامل الشعب على نحو سيئ فان الشعور بالإختناق والتوتر يصبحان سمة عامة للمجتمع بكامله.
بعد غروب الشمس يهب نسيم مريح يعبر مدينة القاهرة ولكن رغم بركة الطبيعة وبركة النيل الذي يرسل نسيما منعشا فان شعور الناس المنكسر في النهار يستمر حتى النهار التالي!
ويتساءل الباحث: هل تختلف العواصم العربية الأخرى التي زرتها وأقمت فيها عن القاهرة؟
يقول: إن الناس في شوارع المدن العربية ليسوا سعداء وليسوا مرتاحين سمعت صرخة في الجو الخانق الصامت وما زالت في أذني.
النمط الواحد
يؤكد الباحث باستمرار أنه أعطى القضية العربية عمره كله، فمن حقه أن يقول شيئا مباشرا عنها ويجمله في الأفكار التالية!.
غياب العدالة الإجتماعية، يعني غياب المبدأ الأساس الذي يعتمد عليه الناس، مما يؤدي إلى الفوضى، ففي غياب العدالة الإجتماعية وسيادة القوانين على الجميع بالتساوي يستطيع الناس أن يفعلوا كل شيء ولذلك يكرر المواطنون دائما: كل شيء ممكن هنا. وأضيف كل شيء ممكن لأن القانون لايحمي الناس من الظلم.
المجتمع العربي مشغول بالنمط الواحد على غرار الحاكم الواحد، القيمة الواحدة والدين الواحد وهكذا..
لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم وتحت هذه الظروف تذوب إستقلالية الفرد وخصوصيته وإختلافه عن الآخرين. ويعني غياب مفهوم المواطن لتحل مكانه فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة للنظام السائد في هذه المجتمعات يحاول الفرد أن يميز نفسه بالنسب كالكنية أو العشيرة أو الثروة أو المنصب أو الشهادة العالية في مجتمع تغيب عنه العدالة الإجتماعية ويسود القمع.
ضياع قيمة الإنسان
وتذوب إستقلالية الفرد وقيمته كإنسان يغيب أيضا الوعي بالمسؤولية، ولذلك لايشعر المواطن العربي بمسؤوليته عن الممتلكات العامة مثل الحدائق العامة والشوارع ومناهل المياه ووسائل النقل الحكومية والغابات بإختصار المرافق العامة كلها. ولذلك يدمرها الناس إعتقادا منهم أنهم يدمرون ممتلكات الحكومة لاممتلكاتهم!
وهكذا يغيب الشعور بالمسؤولية تجاه أفراد المجتمع الآخرين.
ويورد الباحث المزيد من الأمثلة ومنها، السجناء السياسيون في البلدان العربية ضحوا من أجل الشعب ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الأفراد الشجعان فلم نسمع عن مظاهرة أو إضراب أو إحتجاج عام في بلد عربي من أجل قضية السجناء السياسيين، إن الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين أن تتحمل أو تواجه أعباءها! اإن ذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية.
وبشأن التجربة اليابانية يقول الباحث: لقد عانى اليابانيون كثيرا لكي يخرجوا من الخطأ واستغرق ذلك اكثر من عشرين عاما، تعلمنا من ذلك.
المشكلة ليست كراهية الآخر
إن القمع يؤدي إلى تدمير الثروات الوطنية وقتل الأبرياء ويؤدي إلى إنحراف السلطة عن الطريق الصحيح والدخول في الممارسات الخاطئة باستمرار.
وغالبا ما يواجه الباحث هذا السؤال في البلدان العربية: لقد ضربتكم الولايات المتحدة الاميركية بالقنابل الذرية فلماذا تتعاملون معها؟
العرب عموما ينتظرون من اليابانيين عداء عميقا للولايات المتحدة الاميركية لأنها دمرت المدن اليابانية كافة.
ولكن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء. علينا نحن اليابانيون أن نعي أخطاءنا في الحرب العالمية الثانية أولا ثم نصحح هذه الأخطاء لأننا إستعمرنا شعوبا آسيوية كثيرة ثانيا. وأخيرا علينا أن نتخلص من الأسباب التي أدت إلى القمع في اليابان وخارجها.
المشكلة ليست في الكراهية تجاه أميركا أم لا.
المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم نمارس نقدا ذاتيا بلا مجاملة لأنفسنا بعدئذ نختار الطريق الصحيح الذي يصحح الإنحراف ويمنع تكراره في المستقبل.
أما المشاعر وحدها فإنها مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلا.
ثقافة الأنا والآخر
ينقل الباحث عن أحد الناقدين اليابانيين قوله عن الصلة بين اليابانيين، الأنا تعتبر الآخر بيئة فيزيقية فقط، ولا تعتبره وجودا موضوعيا حيا مثله، وهو بذلك يرى أن اليابانيين منغلقون على الآخر وأن العلاقة بينهم أصبحت ضعيفة، فالفرد الياباني منطو على نفسه، ومنكمش تجاه الآخرين.
إذن السليم هو أن نرى الآخر موجودا وجودا حيا مثلنا تماما هذا الموقف أساسي للغاية عندما نواجه ثقافة الآخر وهنا ثقافة البدو أو الثقافة العربية كلها أو ثقافة بلدان العالم الثالث.
يضيف هذا الناقد في علاقة الياباني بالآخر، أن المهم في النهاية أن نملك وعيا بأن الآخرين (الأجانب) يعيشون في مجتمعات مثل مجتمعنا هذا الوعي هو البداية وإعتمادا عليه أن نملك أمرين أولهما وعي الحياة اليومية وثانيهما تخيل وجود الآخرين.
العنصرية:
يقول الباحث، إن العرب كما هو معروف مورست عليهم العنصرية وما زالت حتى الوقت الحاضر والأمثلة كثيرة، ومن جراء ذلك أصبحت الممارسة العنصرية موجودة داخل المجتمعات العربية والمثال على ذلك هو أصحاب السيارات الخاصة. يتفاخر مالك السيارة بسيارته وكأنها مجد فريد أحرزه دون غيره من بني البشر ولذلك يتبارى الأغنياء بشراء أحدث موديلات السيارات وأغلاها ثمنا.
وهذا التفاخر الصريح يتحول إلى تعال على الآخرين وإضطهاد لهم مع أن ملكية السيارة في البلدان المتقدمة ليست إمتيازا ولا تختلف كثيرا عن ملكية دراجة عادية.
الأطفال والقمع
في العديد من المدن العربية يكثر وجود الباعة الصغار ومعظمهم في سن التعليم الإبتدائي كما يكثر عدد ماسحي الأحذية من أولئك الصغار أيضا وفي الأحياء الشعبية في بعض المدن يتجمع الصغار على السائحين خاصة يطلبون نقودا! وإكتشف الباحث حلا لذلك حسب قوله، يفضل إستغلال نقاط ضعفهم عن طريق سؤال الولد عن إسم أبيه أولا وعن إسم معلمه في المدرسة ثانيا وعلى الفور كان الطفل يختفي وهذا يعني أمرين أولهما أن الولد يتسول دون علم أهله وثانيهما أن الأب والمعلم يمثلان سلطة مخيفة بالنسبة للطفل.
الملابس والقمع
الملابس لغة كما يقول علم الإجتماع، لغة يعبر فيها كل مجتمع عن منظومة من القيم الأخلاقية والإجتماعية.
فهناك لغة ملابس رجال الدين، رجال الجيش، رجال الشرطة. وهناك لغة ملابس الرجال والنساء.
ولغة ملابس الفصول والإحتفالات والمناسبات وغيرها الكثير من لغة الملابس.
يشدد الباحث على إن الملابس هي الأخرى مظهر من مظاهر القمع في الوطن العربي، وشكل من أشكال قمع الجسد. ولكن السجون العربية تبقى الشكل الحاد الصارخ لقمع الجسد. إن السجن بهذا المعنى مؤسسة لتخريب الجسد وتدميره والقضاء عليه تماما، بعد السجن يأتي العنف بكل أشكاله ضرب الزوجة مثلا ضرب الآباء لأبنائهم عدوان الأولاد الأقوياء على الأطفال الصغار، زواج كبار السن من فتيات شابات وهكذا.
ويذكر أن ملابس البدوي تنطوي على جانب عملي مرتبط بحياتهم في الصحراء. الكوفية أو العباءة وغيرهما لغة إجتماعية وهي تتلاءم مع الطبيعة القاسية، إنها لاتقمع الجسد بل تساعد على إكتساب الحرية أي ترد قمع الطبيعة.
قدسية الزعيم
فكرة (التأبيد) لاتقتصر على رجل السلطة الكبير وإنما تشمل قادة الأحزاب التي يفترض أنها في المعارضة والأحزاب المعارضة من المفترض أن تحمل مشروعا مناقضا لمشروع السلطة القائمة ومختلفا عنه وإلا فإن المعارضة تصبح سلطة تنتظر دورها في السيطرة على الحكم تسلما يؤيد المشروع السائد.
ويورد الباحث أمثلة، يتمتع أنطون سعادة لدى أتباعه في الحزب السوري القومي الإجتماعي بكل خصائص المقدس وبالتالي الخالد!.
ولا يجوز لأعضاء الحزب أن يغيروا أو يبدلوا في مبادئه.
وعليه فإن أي حزب يدعي أنه يمثل وحده الحقيقة ويمثل مصالح الشعب هو بشكل ما حزب دكتاتوري سواء كان في السلطة أو خارجها، مثال آخر حزب البعث العربي الإشتراكي أكبر حركة قومية عربية منظمة هو بدوره ينص دستوره على أن الحزب لايحق له تغيير أو تعديل أو حذف المبادئ الأساسية التي أقرها مؤتمره الأول العام 1947.
والسيد خالد بكداش بقي رئيسا مطلقا للحزب الشيوعي السوري منذ شبابه حتى وفاته. وبعد رحيله إحتلت زوجته منصب زعامة الحزب كما أن إبنه عضو في مكتبه السياسي ولنا أن نفترض أنه سيرث السيدة الوالدة بعد عمر طويل إن شاء الله.
شعراء وكتاب السلطان:
يتساءل الباحث بمرارة، كيف يمكن لشاعر أن يقوم بمدح عدد من الرؤساء العرب في آن واحد. ربما نفهم أنه أعجب بأحدهم فمدحه ولكن أن يمدح قادة يختلفون في أساليب قيادتهم إلى حد التناقض فإنه يعني إستعداده لمديح من يدفع له نقودا.
في أوضاع كهذه ماذا ننتظر من الكاتب؟ في أقل تقدير أن يكون صاحب موقف أو يكون في صف شعبه وصوتا للحرية ضد القمع بكل أشكاله.
ولقد إكتشفت أن الكتاب النجوم يتكلمون كأنهم سلطة، مثلا حين يجلس أحد ما مع كاتب يتحدث عن الديمقراطية بلا تعب ثلاث ساعات ولا يعطي مجالا لأحد من الحاضرين بالكلام. عمليا يمارس الدكتاتورية أو في الأقل يمارس سلطة النجم ومع ذلك يشكو من غياب الديمقراطية في بلاده.
تأليف نوبواكي نوتوهارا ترجمة منى فياض
تحليل عميق لمجتمعاتنا العربية، إقرؤوا ملخص الكتابفهو عمل يستحق القراءة.
أربعين عاما قضاها الباحث الياباني نوبواكي نوتوهارا في البحث والدراسة والتقصي، وهو يجوب العواصم العربية والأرياف والبوادي، ويتابع الرواية العربية ويدقق في التفاصيل الجزئية العربية: دائما كنت أسمع في التلفزيون والراديو وأقرأ في الجرائد كلمات مثل: الديمقراطية، حقوق الانسان، حرية المواطن، سيادة الشعب، وكنت أشعر وأنا أتابع إستعمال تلك العبارات أن الحكومة لاتعامل الناس بجدية بل تسخر منهم وتضحك عليهم، عندما يعامل الشعب على نحو سيئ فان الشعور بالإختناق والتوتر يصبحان سمة عامة للمجتمع بكامله.
بعد غروب الشمس يهب نسيم مريح يعبر مدينة القاهرة ولكن رغم بركة الطبيعة وبركة النيل الذي يرسل نسيما منعشا فان شعور الناس المنكسر في النهار يستمر حتى النهار التالي!
ويتساءل الباحث: هل تختلف العواصم العربية الأخرى التي زرتها وأقمت فيها عن القاهرة؟
يقول: إن الناس في شوارع المدن العربية ليسوا سعداء وليسوا مرتاحين سمعت صرخة في الجو الخانق الصامت وما زالت في أذني.
النمط الواحد
يؤكد الباحث باستمرار أنه أعطى القضية العربية عمره كله، فمن حقه أن يقول شيئا مباشرا عنها ويجمله في الأفكار التالية!.
غياب العدالة الإجتماعية، يعني غياب المبدأ الأساس الذي يعتمد عليه الناس، مما يؤدي إلى الفوضى، ففي غياب العدالة الإجتماعية وسيادة القوانين على الجميع بالتساوي يستطيع الناس أن يفعلوا كل شيء ولذلك يكرر المواطنون دائما: كل شيء ممكن هنا. وأضيف كل شيء ممكن لأن القانون لايحمي الناس من الظلم.
المجتمع العربي مشغول بالنمط الواحد على غرار الحاكم الواحد، القيمة الواحدة والدين الواحد وهكذا..
لذلك يحاول الناس أن يوحدوا أشكال ملابسهم وبيوتهم وآرائهم وتحت هذه الظروف تذوب إستقلالية الفرد وخصوصيته وإختلافه عن الآخرين. ويعني غياب مفهوم المواطن لتحل مكانه فكرة الجماعة المتشابهة المطيعة للنظام السائد في هذه المجتمعات يحاول الفرد أن يميز نفسه بالنسب كالكنية أو العشيرة أو الثروة أو المنصب أو الشهادة العالية في مجتمع تغيب عنه العدالة الإجتماعية ويسود القمع.
ضياع قيمة الإنسان
وتذوب إستقلالية الفرد وقيمته كإنسان يغيب أيضا الوعي بالمسؤولية، ولذلك لايشعر المواطن العربي بمسؤوليته عن الممتلكات العامة مثل الحدائق العامة والشوارع ومناهل المياه ووسائل النقل الحكومية والغابات بإختصار المرافق العامة كلها. ولذلك يدمرها الناس إعتقادا منهم أنهم يدمرون ممتلكات الحكومة لاممتلكاتهم!
وهكذا يغيب الشعور بالمسؤولية تجاه أفراد المجتمع الآخرين.
ويورد الباحث المزيد من الأمثلة ومنها، السجناء السياسيون في البلدان العربية ضحوا من أجل الشعب ولكن الشعب نفسه يضحي بأولئك الأفراد الشجعان فلم نسمع عن مظاهرة أو إضراب أو إحتجاج عام في بلد عربي من أجل قضية السجناء السياسيين، إن الناس في الوطن العربي يتصرفون مع قضية السجين السياسي على أنها قضية فردية وعلى أسرة السجين أن تتحمل أو تواجه أعباءها! اإن ذلك من أخطر مظاهر عدم الشعور بالمسؤولية.
وبشأن التجربة اليابانية يقول الباحث: لقد عانى اليابانيون كثيرا لكي يخرجوا من الخطأ واستغرق ذلك اكثر من عشرين عاما، تعلمنا من ذلك.
المشكلة ليست كراهية الآخر
إن القمع يؤدي إلى تدمير الثروات الوطنية وقتل الأبرياء ويؤدي إلى إنحراف السلطة عن الطريق الصحيح والدخول في الممارسات الخاطئة باستمرار.
وغالبا ما يواجه الباحث هذا السؤال في البلدان العربية: لقد ضربتكم الولايات المتحدة الاميركية بالقنابل الذرية فلماذا تتعاملون معها؟
العرب عموما ينتظرون من اليابانيين عداء عميقا للولايات المتحدة الاميركية لأنها دمرت المدن اليابانية كافة.
ولكن طرح المسألة على هذا النحو لا يؤدي إلى شيء. علينا نحن اليابانيون أن نعي أخطاءنا في الحرب العالمية الثانية أولا ثم نصحح هذه الأخطاء لأننا إستعمرنا شعوبا آسيوية كثيرة ثانيا. وأخيرا علينا أن نتخلص من الأسباب التي أدت إلى القمع في اليابان وخارجها.
المشكلة ليست في الكراهية تجاه أميركا أم لا.
المشكلة في أن نعرف دورنا بصورة صحيحة ثم نمارس نقدا ذاتيا بلا مجاملة لأنفسنا بعدئذ نختار الطريق الصحيح الذي يصحح الإنحراف ويمنع تكراره في المستقبل.
أما المشاعر وحدها فإنها مسألة شخصية محدودة لا تصنع مستقبلا.
ثقافة الأنا والآخر
ينقل الباحث عن أحد الناقدين اليابانيين قوله عن الصلة بين اليابانيين، الأنا تعتبر الآخر بيئة فيزيقية فقط، ولا تعتبره وجودا موضوعيا حيا مثله، وهو بذلك يرى أن اليابانيين منغلقون على الآخر وأن العلاقة بينهم أصبحت ضعيفة، فالفرد الياباني منطو على نفسه، ومنكمش تجاه الآخرين.
إذن السليم هو أن نرى الآخر موجودا وجودا حيا مثلنا تماما هذا الموقف أساسي للغاية عندما نواجه ثقافة الآخر وهنا ثقافة البدو أو الثقافة العربية كلها أو ثقافة بلدان العالم الثالث.
يضيف هذا الناقد في علاقة الياباني بالآخر، أن المهم في النهاية أن نملك وعيا بأن الآخرين (الأجانب) يعيشون في مجتمعات مثل مجتمعنا هذا الوعي هو البداية وإعتمادا عليه أن نملك أمرين أولهما وعي الحياة اليومية وثانيهما تخيل وجود الآخرين.
العنصرية:
يقول الباحث، إن العرب كما هو معروف مورست عليهم العنصرية وما زالت حتى الوقت الحاضر والأمثلة كثيرة، ومن جراء ذلك أصبحت الممارسة العنصرية موجودة داخل المجتمعات العربية والمثال على ذلك هو أصحاب السيارات الخاصة. يتفاخر مالك السيارة بسيارته وكأنها مجد فريد أحرزه دون غيره من بني البشر ولذلك يتبارى الأغنياء بشراء أحدث موديلات السيارات وأغلاها ثمنا.
وهذا التفاخر الصريح يتحول إلى تعال على الآخرين وإضطهاد لهم مع أن ملكية السيارة في البلدان المتقدمة ليست إمتيازا ولا تختلف كثيرا عن ملكية دراجة عادية.
الأطفال والقمع
في العديد من المدن العربية يكثر وجود الباعة الصغار ومعظمهم في سن التعليم الإبتدائي كما يكثر عدد ماسحي الأحذية من أولئك الصغار أيضا وفي الأحياء الشعبية في بعض المدن يتجمع الصغار على السائحين خاصة يطلبون نقودا! وإكتشف الباحث حلا لذلك حسب قوله، يفضل إستغلال نقاط ضعفهم عن طريق سؤال الولد عن إسم أبيه أولا وعن إسم معلمه في المدرسة ثانيا وعلى الفور كان الطفل يختفي وهذا يعني أمرين أولهما أن الولد يتسول دون علم أهله وثانيهما أن الأب والمعلم يمثلان سلطة مخيفة بالنسبة للطفل.
الملابس والقمع
الملابس لغة كما يقول علم الإجتماع، لغة يعبر فيها كل مجتمع عن منظومة من القيم الأخلاقية والإجتماعية.
فهناك لغة ملابس رجال الدين، رجال الجيش، رجال الشرطة. وهناك لغة ملابس الرجال والنساء.
ولغة ملابس الفصول والإحتفالات والمناسبات وغيرها الكثير من لغة الملابس.
يشدد الباحث على إن الملابس هي الأخرى مظهر من مظاهر القمع في الوطن العربي، وشكل من أشكال قمع الجسد. ولكن السجون العربية تبقى الشكل الحاد الصارخ لقمع الجسد. إن السجن بهذا المعنى مؤسسة لتخريب الجسد وتدميره والقضاء عليه تماما، بعد السجن يأتي العنف بكل أشكاله ضرب الزوجة مثلا ضرب الآباء لأبنائهم عدوان الأولاد الأقوياء على الأطفال الصغار، زواج كبار السن من فتيات شابات وهكذا.
ويذكر أن ملابس البدوي تنطوي على جانب عملي مرتبط بحياتهم في الصحراء. الكوفية أو العباءة وغيرهما لغة إجتماعية وهي تتلاءم مع الطبيعة القاسية، إنها لاتقمع الجسد بل تساعد على إكتساب الحرية أي ترد قمع الطبيعة.
قدسية الزعيم
فكرة (التأبيد) لاتقتصر على رجل السلطة الكبير وإنما تشمل قادة الأحزاب التي يفترض أنها في المعارضة والأحزاب المعارضة من المفترض أن تحمل مشروعا مناقضا لمشروع السلطة القائمة ومختلفا عنه وإلا فإن المعارضة تصبح سلطة تنتظر دورها في السيطرة على الحكم تسلما يؤيد المشروع السائد.
ويورد الباحث أمثلة، يتمتع أنطون سعادة لدى أتباعه في الحزب السوري القومي الإجتماعي بكل خصائص المقدس وبالتالي الخالد!.
ولا يجوز لأعضاء الحزب أن يغيروا أو يبدلوا في مبادئه.
وعليه فإن أي حزب يدعي أنه يمثل وحده الحقيقة ويمثل مصالح الشعب هو بشكل ما حزب دكتاتوري سواء كان في السلطة أو خارجها، مثال آخر حزب البعث العربي الإشتراكي أكبر حركة قومية عربية منظمة هو بدوره ينص دستوره على أن الحزب لايحق له تغيير أو تعديل أو حذف المبادئ الأساسية التي أقرها مؤتمره الأول العام 1947.
والسيد خالد بكداش بقي رئيسا مطلقا للحزب الشيوعي السوري منذ شبابه حتى وفاته. وبعد رحيله إحتلت زوجته منصب زعامة الحزب كما أن إبنه عضو في مكتبه السياسي ولنا أن نفترض أنه سيرث السيدة الوالدة بعد عمر طويل إن شاء الله.
شعراء وكتاب السلطان:
يتساءل الباحث بمرارة، كيف يمكن لشاعر أن يقوم بمدح عدد من الرؤساء العرب في آن واحد. ربما نفهم أنه أعجب بأحدهم فمدحه ولكن أن يمدح قادة يختلفون في أساليب قيادتهم إلى حد التناقض فإنه يعني إستعداده لمديح من يدفع له نقودا.
في أوضاع كهذه ماذا ننتظر من الكاتب؟ في أقل تقدير أن يكون صاحب موقف أو يكون في صف شعبه وصوتا للحرية ضد القمع بكل أشكاله.
ولقد إكتشفت أن الكتاب النجوم يتكلمون كأنهم سلطة، مثلا حين يجلس أحد ما مع كاتب يتحدث عن الديمقراطية بلا تعب ثلاث ساعات ولا يعطي مجالا لأحد من الحاضرين بالكلام. عمليا يمارس الدكتاتورية أو في الأقل يمارس سلطة النجم ومع ذلك يشكو من غياب الديمقراطية في بلاده.
لمتابعة الموقع بشكل سريع يمكنكم الإشتراك بالصفحة
الرئيسية على فيس بوك بالضغط على الرابط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق